يعيش اللبنانيون أزمة جديدة تتعلق بل بالقمح والزيت وصولا إلى الأعلاف الحيوانية، التي انعكس ارتفاع أسعارها على اللحوم والدواجن ومشتقات الحليب، جراء الحرب في أوكرانيا إذ يستورد لبنان من روسيا وأوكرانيا 700 ألف طن سنويا من القمح، وتتجه الجهود اليوم لتلافي الوصول إلى مرحلة يُفقد فيها الخبز الذي يعد القوت اليومي للبنانيين.
وبحسب تصريحات نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف لإحدى الإذاعات المحلية، فإن “مخزون القمح يكفي لحوالي شهر”، لكن “لدينا بواخر في البحر نخشى توجهها إلى أماكن أخرى في حال لم يسدد مصرف لبنان ثمنها”، فيما ناشد سيف لجنة الطوارئ المختصة بالأمن الغذائي إيجاد الأسواق البديلة، وتحويل الأموال إلى الموردين لإيصال القمح إلى لبنان.
ويجمع المسؤولون اللنانيون على أن حاجة السوق المحلية من القمح مؤمّنة في شهر رمضان الذي يبدأ بعد نحو أسبوعين، إنما يسود الترقب فترة ما بعده، بينما يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، أن “شهر رمضان أصبح خلفنا كقطاع تجاري، لأن بضاعته تباع قبل شهر من حلوله، لكن بالنسبة لمرحلة ما بعد رمضان لا أحد يملك جوابا. مبدئيا البدائل متوفرة والشحنات المطلوبة ستصل لذلك لا أرى أزمة إلا في حال حديث أمر خارج عن المألوف”.
بحصلي يرى أن “أزمة أوكرانيا عالمية وليست مرتبطة حصريا بلبنان. هناك مصادر للحصول على الزيت من البرازيل إذا لزم الأمر ومن الولايات المتحدة وكندا والصين”، مشيرا إلى أن معظم البلاد المصدرة بدأت تدخر مخزونها خوفا من تداعيات الأزمة لاحقا.
ولفت بحسب “سكاي نيوز” إلى أن “العالم عموما ولبنان خصوصا في أزمة كبيرة، إلا أننا لم نصل إلى حد الكارثة التي تبرر تهافت اللبنانيين على تفريغ محتويات المحلات، من زيوت وسكر وطحين، وتخزينها بأضعاف حاجاتهم”، مضيفا أن “أزمة السكر مرحلية بسبب الطلب المرتفع الذي تسبب به هلع المواطنين، ولا توجد أزمة سكر عالمية. هناك شحنات من السكر ستصل خلال الأيام المقبلة من عدة مصادر، ومنها شحنات من الجزائر انطلقت قبل أن تصدر قرارا بحظر التصدير”.
ووسط هذه التصريحات المقلقة والمتضاربة، يعيش المواطن اللبناني حالة من القلق على أمنه الغذائي في ظل غموض ينتظر البلاد بعد شهرين من الآن.
أما في السودان فقد رفعت السلطات، اليوم السبت، أسعار الوقود للمرة الرابعة في أقل من شهرين حيث تغيرت تسعيرة الوقود بالطلمبات ليباع لتر البنزين بمبلغ 672 جنيه “نحو 1.06 دولار” بدلاً عن 542 جنيه ولتر الجاز 640 جنيه “نحو دولار واحد”، كما ارتفعت أسعار الخبز بمقدار 20 بالمئة وسط توقف تام للبيع بالسعر المدعوم. وعزت المخابز الزيادة إلى الزيادة الكبيرة في أسعار الدقيق ومدخلات الإنتاج وندرة الغاز.
ومع اقتراب شهر رمضان عادت صفوف الحصول على غاز الطبخ من جديد وسط صعوبات كبيرة في الإمداد بحسب موزعين محليين.
وتعيش الأسواق السودانية حالة من الارتباك الشديد بعد الانخفاض الكبير لقيمة العملة الوطنية حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا فوق 630 جنيها في السوق الموازي، كما توقفت حركة بيع العديد من السلع خصوصا الأجهزة الإلكترونية ومواد البناء في ظل صعوبة التنبؤ بما يمكن أن يصل إليه سعر الجنيه حتى على المدى القصير جدا.
كذلك ارتفعت أسعار معظم السلع في الأسواق بنسب تصل إلى 60 في المئة خلال الأيام القليلة الماضية، فيما يواجه المستهلكون صعوبة كبيرة في التأقلم مع الأسعار المتصاعدة، مما قلل كثيرا من القدرة الشرائية خصوصا الشرائح الضعيفة.
ووفق مراقبون، فإن السياسات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا والتي سمحت للمصارف التجارية بتحديد أسعار الصرف اليومية أدت إلى مزيد من الانهيار في سعر الجنيه، ورفعت معدلات التضخم المتفاقمة أصلا. ويعزز فقدان السودان لقنوات التواصل مع مجتمع المال الدولي إضافة إلى تراجع الإنتاج وزيادة الاعتماد على الواردات والتناقص الكبير في تحويلات المغتربين توقعات المزيد من التراجع في قيمة الجنيه.
يشار أن الاقتصاد السوداني يعاني من أزمات كبيرة بعد التدهور الذي طال كافة القطاعات وهو ما أدى إلى رفع معدلات الفقر إلى أكثر من 55 في المئة من السكان البالغ تعدادهم نحو 39 مليون نسمة.